-A +A
منى العتيبي
يأتي شهر رمضان الكريم فرصة ثمينة، تستوجب منا أن نستثمر فيها تربية الأبناء وزراعة فيهم ما نريد من قيم أصيلة قد تكون أشغلتنا عنها بقية الأيام؛ أولًا ينبغي علينا ترك كل الرسائل السلبية التي نمررها عن شهر رمضان في منصات التواصل الاجتماعي والمجالس وعلى ألسنة بعض التربويين والإعلاميين للأسف، الذين يمررون بأن شهر رمضان للنوم ومسؤولية إعداد المائدة والطبخ والنفخ!

في أغلب اللقاءات والمقالات والرسائل لم أجد سطرًا واحدًا يتحدث عن ضرورة استثمار الأبناء والأجيال وطريقة صناعة خطة فكرية تربوية لإدارتهم بالشكل الأمثل نحو مايتطلبه المستقبل الشخصي والوطني لهم.. رمضان ليس شهر تعبئة البطون بعد صيامها إنما تعبئة النفوس بالقيم والمبادئ ورفع الهمم نحو التغيير للأفضل.. وهو فرصة كي نقدم للأبناء صور من القدوة في تحمل المسؤولة وأيضًا نحثهم لتحمل مسؤوليات ومهام داخل الأسرة.. فهذا الابن وهذه الابنة سيصبحون يومًا ما مسؤولين تماما عن مستقبلهم وتطوير أوطانهم، وحين تولي مسؤولية بعض مهام الأسرة إليهم تُزرع المسؤولية في نفوسهم وكأنها فطرتهم ويتدربون على فن القيادة وإدارة أوقاتهم خاصة مع الدراسة والصوم؛ لذلك على الأسرة والمجتمع الابتعاد عن بث الرسائل التي من شأنها الإحباط وإضعاف الهمم وتربيتهم على التهاون والتقصير.


كما يأتي شهر رمضان فرصة لبناء ذكريات أصيلة للأبناء تحضر في تناول الإفطار معهم.. مشاركتهم برامجهم الرمضانية.. تمرير النصائح والتجارب والقصص الأصيلة.. متابعة صلاتهم وتلاوتهم للقرآن ومنافستهم في ذلك.. لا بد أن يشعروا أن شهر رمضان شهر المسؤولية وأن العمل مثله مثل الصيام الصلاة وقراءة القرآن عبادة وأن العبادة تتطلب منه بذل الجهد والمثابرة؛ هذه المعاني العظيمة إذا غُرست منذ الصغر في نفوس الأبناء ستستقر بعد ذلك في أنفسهم عند الكبر خاصة وأن معاني العطاء وبذل الجهد والإيثار تعظم في شهر رمضان؛ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ»، لذلك أشركوا أبناءكم في أعمالكم الاجتماعية، في عملية إخراج الزكاة، وفي العناية بمجسد الحي والتواصل مع الجيران وأبناء الحي.. أحيوا فيهم سمة المسؤولية الاجتماعية نحو الوطن.

رمضان محطة مليئة بحقائب التغيير للأفضل على مستوى التربية الأخلاقية والدينية والنفسية والاجتماعية وكل مايخطر على البال.. رمضان مجالس النشاط والحركة والعلم والدعم والتعاون والبناء والتطوير وليس للكسل والخمول والتهاون مكان فيها.

ختامًا.. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال في هذا الشهر الكريم.